رعـــاية الآخر

رعـــاية الآخر

إن رعايتك للآخرين و حبك لهم هو أعظم أستثمار لإنسانيتك

هل تهتم بي و ترعاني ؟ سؤال يبدو أن قائله ضعيف يائس قد رحل عنه أهله ، و لم يعد له أحد يستند إليه حين تفزعه الحياة !

و لكننى محتاج إليك مثلما تحتاج أنت الى - هل نسيت أنك كنت يوماً طفلاً صغير الحجم ، محدود الحركة و الادراك ، لا تستطيع أن تفعل لنفسك شئياً ؟! لو لم تمتد إليك تلك اليد الحانية - يد امك - بالماء حين كنت ظمأم ، و بالطعام حين كنت جائعاً ...
لو لم تربت هذه اليد على جسمك تخفف عنك الالم ، و توصل إليك الحنان ، لما كنت اليوم على قيد الحياة ! و الأن ، تحس في نفسك بعض القوة ، و تظن واهماً أنك قد ملكت زمام الحياة من حولك ، لا اريد أن أتهمك بقصر النظر و لا بالغباء الاجتماعي ، لأني اهتم يك ... بل أنا أشفق عليك ،ان يأتي ذلك اليوم الذي تستجدي فيه الاهتمام حين يهن جسمك ، و تشيخ ذاكراتك ، و تحتاج إلى من يأخذ بيدك عبر الطريق .
فأنا افكر دائماً في الانسان ، و أتأمل في طبيعته ، و كلما فكرت فيه ، تأكدت من ان رعاية الآخر جزء أصيل من طبيعته . فالانسان يولد عاجزا ، و لولا رعاية الآخر له ، لما استمرت حياته ثانية واحدة ..
فلولا رعاية الأم و الاب و الأخوة ، و لولا رعاية الطبيب و المعلم و المهندس ... لولا رعاية الآخرين لنا ، لما استمر احدنا على قيد الحياة .

أهتمام الآخرين بنا كمن يسقينا رحيق زهورهم لترتد إليهم عسلاً و ينال الآخرين بعضاً منه .

الرعاية و الأهتمام ، هما جوهر الحياة الإنسانية .. هما ركن أساسي في طبيعة الأنسان و هما أيضاً مشكلة حياته .
إن رعاية الأخرين و الأهتمام بهم صفة لا تضاف إلى الانسان بل هي تتبع من صميم طبيعته فالطفل طوال فترة طفولته يحتاج إلى أشباع حاجاته عن طريق الراشدين و كذلك الأقوياء مسئولونعن الضعفاء .

أن الأنسان منا يتلهف على السلطة حتى يمتلكها ، ليثبت للناس أنه قادر على المنع قبل العطاء و انه قادر على ارهاب الناس قبل تطمينهم ؟ قلة قليلة هم أولئك الذين يمتطون السلطة فيطوعونها لخدمة الآخرين ....
الغالبية من الناس يجعلون من السلطة أداة يسخرونها لأذى الأخرين و لا يدري هؤلاء أي تخريب يحدثون في نفوس الناس فهم يدمرون عطائهم و يثبطونهم عن العمل و العطاء من أجل الأخرين ..

إن رعاية الآخر شرط اساسي لاستمرار الحياة الأنسانية .
رعاية الأخر في نظرة لها نظرتها لكثير من الناس ،، فمنهم يقول أن الرعاية هي أن توصل للاخر أنك تهتم به بأن تقول له ذلك و أن تنصت له جيداً، و أن تعطيه من وقتك الكثير .

و أخر يقول أن الرعاية أن تعطي بدون مقابل .

و منهم يقولو أن الرعاية هي أن تبتهج مع الآخر حينما يكون سعيداً و أن تكون معه حينما يكون مضطرباً.
و لك منه نظرته في مفهوم رعاية الآخر يتظر إليها نظرة خاصة به ,.

و لكن في النهاية فأن الرعاية تلم كل تلك المعاني لها ، رعاية الآخر و الأهتمام به تعني فهم الآخر ، و تشجيعه و تأييده ، تعني أن تكون تحت تصرفه ، أن تسعده ، و ان تشاركه اضطرابه ، و ان تضع نفسك مكانه ، تعني أن يكون اتجاهك هو رعاية الجميع و بذل ذاتك من اجلهم .

و لكن هل يوجد انسان أن يعطي دون انتظار المقابل ؟

هل باستطاع الانسان أن يُحب دون أن يعطي الحب ؟
ربما استطاع ذلك قديس ، و لكن بالنسبة للانسان العادي هناك مبداء هام يفسر سلوكنا هو (( التدعيم )) فسلوكنا يستمر حين يكافيء .
الانسان يستطيع أن يرعى الأخرين و يهتم بهم حين يجد شيئاً من التقدير عند بعض الناس . عندئذ فقط يستطيع الأنسان أن يرعى الآخرين و يهتم حتى بالذين لا يهتمون به .

لكن حذار أن تعامل الآخرين كأدوات و تستغلهم لتحقيق مأربك ، و تتوقع مع ذلك أنهم سيظلون يهتمون بك و يرعونك ، فنحن قد نرعى الآخر الذي يتاجهلنا و نهتم به اعتقاداً منا أنه يحتاج إلى رعايتنا ، أو أنه ضعيف أو عاجز عن الحب .. لكن ما أن نكتشف أنه استغلنا حنى نعزف عنه و نسقطه من حسابنا

كان أحد رؤساء الأعمال ذا سلطان و شهرة ، و كان يعامل زملاءه على أساس ما يحققون له من منافع مادية و معنوية . و لكي يحتفظ بفائدتهم لمصالحه ،كان يلجأ إلى التسلط احياناً ، و إلى اللين أحياناً أخرى ، لكن هدفه كان استغلالهم ، قيل لرئيس يوماً: " لا يجوز ان تعامل زملاءك بهذا الأسلوب ، أتنسى ان السلطان سيزول عنك يوما حين تحال إلى التقاعد و انك حينذاك ستحتاج غلى زملائك حين تنفض الحياة من حولك ؟ قا لمنكراً : " لن احتاج لهم ، و لن يحتاجو إلى .. نحن نعيش في عالم الذي يكسب فيه هو الذي يستطيع أن يتسغل .. و إذا لم استغلهم فسيستغلوني هم .. كلا ! لن احتاج إليهم غداً.

و عندما أحيل إلى التقاعد كان يؤدي بعض الاعمال فى موقعه ، كان أشد الحاجة إلى كلمة رقيقة ،و نظرة حانية ، و اهتمام إنساني ، ،،

كيف يحبونك و انت تسلبهم الحب ، و كيف يعاملونك كانسان و انت تسلبهم انسانيتهم !

اصدقائي ختاماً أقول أن رعايتكم للآخرين و حبكم لهم هو أعظم استثمار لانسانيتكم

تحياتي

اسعدني مرورك يا ابن سينا